- Unknown
- 5:12 ص
- الشاعر عمرو الشيخ ، سيدتي الجميلة ، شعر ، قصائد متفرقه
- لاتوجد تعليقات
- Unknown
- 11:41 ص
- الشاعر عمرو الشيخ ، دواوين الشاعر ، ديوان المملوك ، شعر
- لاتوجد تعليقات
الجمال
الجِمال التي استبيحت باسمها النساء
فزيّن الهوادجَ والأسِرّة
تاركات القوافي للشعراء
الجِمال
بدمها الصراطي ارتضى (الثائرون)
مبادلةَ الدماء
فَتُنْصبُ السرادقاتُ ـ جوار المآدب
ويُرْتَدى السواد
يُزلزل (الفضاء) برجع المقرئين
"بأي ذنب قتلت"
الجمال
مُكَدَّسٌ فوق ظهرها العمر
مُوَشَّحٌ بتوقيعاتٍ نهشية الشكل ...
من قال إنها ارتضت الصبر الذي فاح عنها
في قصائد الشعراء ؟
من قال إنها
ما صبت يوما ...
أن تلوح في أحلام الشباب كالغزلان ؟
أو تفوز بانتباه المغامرين للذئاب
.. .. .. ..
.. .. .. ..
أميرَة الصحاري ...
أي حكمة تلك
خلت ما بينك
والماء
والبشر
هل يقين الضوء عانق صهد الوضوح المولود تنهيدا
فاسَّاقطت كل المسوح
وقلبك الممدد اتسع عن صدرك
يلوح كالعمر حدبا فوق ظهرك
بم امتلأ ؟
يا لحظة الفيض لم التدلل ؟
وكل ما مضى
نقطة في قيح
وعمرك تربص وحيد
وفرصة مكررة
لمذنب معيد
عمرو الشيخ ـ دمنهور
24/11/2008
- Unknown
- 10:59 ص
- ادب ، أساطير الاخرين ، الشاعر عمرو الشيخ ، دواوين الشاعر ، شعر
- لاتوجد تعليقات
الســر
امرأة زخرفت الدنيا
وأحالت كل وعوراتي ...
لسهولٍ تحملني حانيةً ناحية الجنة
تابت كل ذنوبي حين أهلّتْ
وانسابت عيناها نولاً ..
فانغزلت كل كوابيس العمرِ الجاثمِ أحلامًا ،
أشعارًا ،
صوفًا يحتضن القلبَ المتجمد ..
بقصائد نورٍ ..
تزرع أقمارًا تطرد كلَّ جواسيس العتماتِ ..
.............. إذا تتسلل .
يتدفأ قلبي بجمالٍ
يحدو دقاته يحرسها بحنانٍ
ببريقِ عيونٍ صارت محرابا
والحسنُ حياءً ،
عرفانا ..
يتعبد
وانفرطت حين تجلَّتْ من عينيها ..
نجماتٌ تتألق
وتأرّج عطرٌ ..
أحيا أزهارًا بخريفٍ ولَّتْ
همَّتْ أن تبتسمَ ...
فانداح فضاء تملؤه ..
كلُّ عصافير الطفلِ المحرومِ قديمًا
عادت لتزقزق حيث أرادَ صغيرا
وأعادت زمنا قد ولّى ،
لعبًا قد فرَّت والعمر سويا
فتصالح ماض والآتي
وأخيرًا ...
خضع الوقتُ ،
توقف ..
عند قصيدٍ تحمل أنثى ..
أبدًا أبدا ..
ما تمت
ما حاجتها لتمام ؟
إذ ما نقصتْ
.. أنثى ..
من بين بحوري
لا ... ما خرجتْ
ما بين قصيدي تتماهى
فيخر النقد خضوعًا ..
عجزا يرضيه ..
كمريدٍ غايته الطرقُ
امرأةٌ ..
قد خبأت الوعد لدى أنثى
يحرسه دلال وحياء
فمتى حلَّتْ ...
كان زمانٌ ...
أين أطلَّت ..
كان مكانٌ
امرأةٌ
خبأها القلبُ فأخفتني ..
ما أخبرنا إلا الشعرا
ومتى الأشعارُ ...........
أذاعت سرّا ؟!
- Unknown
- 10:46 ص
- أساطير الاخرين ، الشاعر عمرو الشيخ ، دواوين الشاعر ، شعر
- لاتوجد تعليقات
تقول الأسطورة :
إن فتاة تشبه النبعَ إلا صخرا ـ كانت تخبئ في عينيها بدرًا رواغته الشهور عند المنتصف ، كلما هم بالهجرة تجمَّعَ الليل من جميع القبائل بباب عينيها ناقعا ظلامه في الجحيم .
لكنما الفتاة أمّنت النور خلف رموشها فاستحال خيوطا .....
الفتاة خبأت في قلبها نبضا يحرس حُبًّا ، حارت الجنيات أربع سنوات في البحث عنه لتـَبقى لعنتها أبدية ...
الفتاة وشوشت القصائد بالدموع ، والدموع ما انفرطت ، ضمها خيط زفرة الحب فصارت عقدا لن ينقذ حباتِه من الانفراط إلا لؤلؤة أميرة نهر الجنة ...
الفتاة كانت تغـزل من خيط عينيها وخـيط حبها قـلبا ربما .. ربما يرتق قلب الشاعر أو يمنح الدفء حينا لزهراته ..
لكنما اللعنة كانت تقول وتحكم ...
قبل كل منتصفٍ تظهر امرأة ، لها حجة السلطان ، تخفي في خزائنها البعيدة صك الشاعر، وتفك الغزل ؛ فينفرط القلب ... فلا تملك الفتاة إلا بكاء فتشتري المرأة دموعها بخسا ، وتقطرها لزهرات الشاعر؛ عساهن يرتوين ويحببنها.
ينفرط القلب؛ فتكون أحزان ، وناس ، وبلاد ، وقصائد لا الغزل تم ، ولا الفتاة توقفت ، ولا عادت ولا المرأة تخلت عن سلطانها .
إنها أبدية العشق والشعر والألم .
- Unknown
- 9:57 ص
- ادب ، الشاعر عمرو الشيخ ، دراسات نقدية ، دراسات نقدية بقلمي
- لاتوجد تعليقات
الموتى يقفزون من النافذة ...
.. نص يبحث عن آلية لكيفية قراءته !!
فتحي عبد السميع .. اسم أوجد لنفسه مكانا ومكانة في الشعر العربي منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي بدءًا من ديوانه "الخيط في يدي" 97 مرورا "بتقطيبة المحارب" 99 ، "خازنة الماء" 2002 ، "فراشة في الدخان" 2008 ، وأخيرًا "تمثال رملي" ، و"الموتى يقفزون من النافذة" ..كذلك هو باحث جاد ، وناقد أمين ... إذن نحن أمام أديب جدير أمام نصوصه أن نتوقف
"فتحي عبد السميع" يقدم نصا محفوفا – من قبل الدخول إليه – بملابسات تثير أسئلة لها رائحة الريبة
ابتداءً – وليس هذا موضوعنا – تواجهني أزمة المصطلح "قصيدة النثر" مع أن المصطلح له تاريخيته التي تعود إلى 1957 عندما أصدر (يوسف الخال) مجلة (شعر) حيث ظهرت قصيدة النثر العربية بوصفها حركة مستقلة لها خصوصيتها
ويشهد الله أنني – شخصيا – منذ هذا التاريخ وحتى الآن لم أستطع أن أميز لا الحركة ولا المستقلة ولا الخصوصية المزعومة
فقط قدمت قصيدة النثر ظلالات باهتة لـــ رامبو ، سنا جون بيرس ، إليوت ، عزرا باوند .. لا شيء إلا الاستجابة لأطروحات الوهم التي صدرها لنا "الخال" و"أدونيس" الذي حمل على عاتقه مهمة نقل قصيدة النثر الغربية إلى أدبنا منذ اطلع على كتابات "سوزان برنار"
الخلاصة أن البيانات الصادرة آنذاك دعت إلى قصيدة النثر من أجل :
- التعبير عن التجربة الحياتية
- الاهتمام بالصورة الحية (وصفية أم ذهنية)
- ابتكار لغة جديدة مستمدة من الواقع
- النهوض بالإيقاع العربي
- تطوير الجو العاطفي للنص ، وتجاوز التسلسل المنطقي
- الإنسان مركز للعالم / ومحور للقصيدة
- إعادة النظر في التراث
- الإفادة من الأدب العالمي
- الاهتمام بروح الشعب
كان هذا بيان الخال أضاف عليه (أدونيس) :
دفع كل ما هو سائد وثابت مع تفجير نظام اللغة والقيم السائدة مع تحدي سلطة الماضي والتراث وإدانة المثقف العربيولعل الباكورة الأولى لتلك الجهود كان ديوان (لن) لأنس الحاج في قصيدة النثر
وقد علل (أنس الحاج) في مقدمة ديوانه أسباب ظهور قصيدة نثر عربية إلى :
- ضعف الشعر التقليدي
- تغير العالم
- كثرة الترجمات عن الشعر الغربي
- تطور الشعر الحر واقترابه من الكلام الدارج
- تحرير الشاعر العربي من لغته
! المدهش أن أدونيس يرى مؤمنا بما قاله بودلير : إن الشعر الحديث يجب أن يتخلى عن الحدث !! وهو ما لم تفعله الأجيال التالية !!
بل إن أدونيس ذهب إلى أن ذروة المجد الأدبي حين يصبح الأدب نصا لا جنس له (مسرح / شعر / قصة / رواية ..) لا جنس للأدب .. !!
وحين رأى أدونيس إن شاعر النثر إنسان عالمي غير فردي ، ذهب (الخال) إلى حتمية الفردية في الرؤيا لقصيدة النثر وبالطبع لم ينتبه المهرولون فهم منشغلون بالهرولة خلف همزات الوصل الغربية !!
- ثم تجلى مفهوم النثريين إلى رفض كل موروث وكل ما هو سائد إيمانا بصدمة الحداثة التي انطلق فيها أدونيس من النص القرآني – حسب زعمه – فهو نص متجاوز للأجناس الأدبية السائدة فإذا كان القرآن رفض النماذج السائدة فلم لا يرفض الشعر النماذج السائدة .. ؟!
ومن ثم فالشاعر الأدونيسي هو ذلك المتخلي عن الماضي ليرتبط بينابيع الحياة الحية
إذن هي فلسفة الرفض لكل ثابت ..
مجاز – موسيقى – لغة – موروث ...
وكم كان (أنس الحاج) واضحا حين قال في مقدمة كتابه (لن) :
[أول الواجبات التدمير] و [التخريب حيوي ومقدس]
[ومهمة القصيدة أن تتلقى فيها دفعة فوضوية هدامة]
ثم قال : لتكون قصيدة النثر قصيدة نثر حقا لا قطعة نثر فنية ، أو محملة بالشعر ، شروط ثلاثة :
- الايجاز : الكثافة في استخدام اللفظ سياقا و تركيبا
- التوضيح : الاشراق في استخدام اللفظ و لو أستخدمنا غيره ينطفئ بريق الدلالة و الجمال
- المجانية : وتعني اللازمنية فالدلالة متغيرة حسب السيق و الرؤية و التركيب فقصيدة النثر مفتوحة الدلالات ، تفهم علي مستويات عدة
كل هذا علاوة على تقديس النص الصوفي من جهة استخدام اللغة استخدامات تتجاوز طاقاتها المضادة ولا يخفى على أحد احتفاء أدونيس بالموروث الصوفي !
فماذا تبقى إذن من نص النثر – المرفوض أساسا لي – من الشروط التي وضعها مؤسسوه ودعاته ؟!
لم يبقَ إلا الحياتي واليومي واللغة الدارجة وضياع الفوارق بين أجناس الأدب ..
في ديوان "الموتى يقفزون من النافذة" لا مجال للحديث عن الموسيقى أو مناوشات الاستفهام والحوار فنحن أمام لغة أقرب إلى اللغة الدارجة في معظم قصائد الديوان .. أما المجاز فقد تبادل الأدوار مع الحدث بشكل متلاحق ...
الغريب إن عنوان الديوان يحمل مجازا رائعا هذا المجاز أشعر وكأنه تسلل على غير إرادة الشاعر عبر قصائده أو قلف عبر نصوصه التي تراوحت بين الشعر والقصة داخل النص الواحد أحيانا
فإذا طالعتك الشعرية متكئة على المجاز في عيد الحب صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 9
فلا شك أن القصصية تتسيد الموقف في "نُقارة في يد المجذوب" صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 11
وكذلك في "ناي في الهواء" صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 15
ثم تستمر الشعرية في الصعود عبر نصوص "يد تدفع الظهر" صـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 21
"وعشية الحرب" صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 25
وتتجلى "الشعرية والذاتية" في نص "الشوارب في غيابنا" صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 23
أما في نص "الموتى يقفزون من النافذة" صـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 33
فالتفاصيل والسرد والحدث والزمن يشهدون بأن النص قصة وكون النص قصة أو شعر أو أي شيء ليس قدما في مذهب النثريين
وقبل أن يهاجمني سائل متربص من أين جئت بالحكمة لتصنف النصوص هكذا.. شعر – قصة - .....
أقول إن القصة في أبسط تعريفاتها .. حدث – بطل – سرد وهذا يتضح في نصوص كثيرة بهذا الديوان
كذلك فإن الشعرية تتكئ على الإحساس بالحدث لا الحدث ذاته اعتمادا على المجاز واللغة المراوغة والموسيقى والإيقاع فإن اختفت
الموسيقى المنتظمة عن بعض النصوص التي أراها شعرية لم يخفت الإيقاع :
عــــرفــــت للــوهـلـــة الأولــــــى
كـــم عشت غريبــــــا بلا مبـــرر
وكــــــــــم ســـأبقــى غريبـــــــــا
بين
شـــــــــــوارب وعكـــــاكـيز
نــــــبـتــت في غيــــــــــــــابــــي
لــــم يـــــــكن في حسبـــــانـــــي
سوى عتــــــاب المـــــــوتـــــى
وتراكم
الغبار ، والعناكب ، والخنافس ..
وأحيانا داخل النص الواحد تتزاوج الروح الشعرية والقصصية كما في "عتمة صغيرة" صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 49
أما الشعرية وحدها فتتسيد الموقف في صلاة صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 51
مجاز وإيقاع ولغة مشحونة بالدلالات والإيحاءات ... ذات فاعلة داخل النص الذي لم تفارقه الموسيقى أيضا
لكن في النص التالي مباشرة (المسرات القديمة) صـــــــــــــــــــــــــــــــــ 53
أنا أمام قصة بمفهومها الكامل
ثم تعلو لغة المجاز في دهشة وشعرية رائعة في نص "فراشة تحت الحذاء.." صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 59
.... لا أدري ... هل المتعة وحدها كفيلة بصنع الشعرية ...
فماذا لو تحققت من مقال هل يصبح شعر ؟
أين تكمن الشعرية لو طرحنا جانبا ونحينا المجاز – الموسيقى – الإيقاع – الوثوب من الموروث عبر التناص أو غيره ... بم تتحقق الشعرية ... لا أدري
الحياتي – اليومي وغيرهما واللغة الدارجة هل هي أشياء تصنع نصا ؟ أم تصنع نصا شعريا ...
المتعة والمعرفة تحققتا لي في نصوص المبدع "فتحي عبد السميع" لكن ضبط المصطلح الأدبي والنقدي والآلية التي نتبع بها النص تقييما وتقويما ربما أفتقدها أنا ....
فالمعيار الذي يتتبع نصا مثل :
يلم شمل العائلة
ويربك الحداثة ،
يجمع الخطى من الشوارع البعيدة
ويفرغها في حجرك
مثل كيس الحمص
مندرة العائلة صـــــ 67
لن يكون أبدا هو المعيار الذي يتعامل مع ....
لا شك أنهم ثرثروا كثيرا
وما من أحد فهم شيئا
إلا بعد انقلاب سيارة
أو انفجار أنبوبة غاز
أو تجلط في المخ
لكن الروعة والمتعة التي تتجسد من شعرية رائعة رائقة ولغة شديدة الخصوصية نابعة من جذور الشاعر ومجاز متفجر
الدلالات كل هذا علاوة على إيقاع عميق يخدم النص ويجلي الشعرية .. كل هذا يتجسد في نص (طمأنينة الأشقاء)
فإذا تحققت الدهشة ثم المعرفة ثم اللذة ثم المتعة خالدة الأثر عبر مجاز ولغة وإيقاع فماذا ينقص الشعر .. ؟!
لا شيء يقينا
نفس الأمر قد نتلمس بعضا من ه في (الناحرون كأصدقاء)
وفي (تهم بابتسامة ولا تتمها)
ثم تكتمل الروعة الشعرية الخالصة المصفاة في (كأي ميت) عبر صور مبتكرة ، لغة تبدو للوهلة الأولى دارجة لكن دلالتها ومواضعاتها مبتكرة ، إيقاع داكن الحزن
إن (الموتى يقفزون من النافذة) كرس لأسمى ما في الإنسان ... حزنه ، وأصدق يقين في رحلته ... موته قدم في معظم نصوصه مراوحات بين القصة والشعر – وقلت – هذا ليس عيبا لدى
النثريين .. لكنه حين غلبت الشعرية وانفلت المجاز زاد النص إبداعا وسموا ..
الشعر لا يحتاج نصوصا تعينه .. إنما قمة امتداح الرواية .. المسرحية .. القصة .. أن توصف عبارة ما فيها بأنها شعرية ..
- Unknown
- 9:26 ص
- الشاعر عمرو الشيخ ، دراسات نقدية ، دراسات نقدية عني
- لاتوجد تعليقات
له أسطورته التي تخصه وتخصصه
قراءة في القسم الأول من ديوان ( قصائد تسعى وأخرى تصل ) للشاعر / عمرو الشيخ
بقلم / محمود عبد الصمد زكريا
تأسيس
إن فناً يخبئ لك سِرّاً ؛ هو وحده الفن.
نعم .. سوف تتمحور هذه القراءة حول هذا المعني ..
ولنبدأ من ( عيار الشعر - لابن طباطبا العلوي الذي نشر حوالي عام 900 م ) وفيه نقرأ : " من أحسن المعاني والحكايات في الشعر ؛ وأشدها استفزازاً لمن يسمعها ؛ الإبتداء بذكر ما يعلم السامع له إلي معني يساق القول فيه قبل استتمامه ؛ وقبل توسط العبارة عنه ؛ والتعريض الخفي الذي يكون بخفائه أبلغ في معناه من التصريح الظاهر الذي لا ستر دونه ؛ فموقع هذين عند الفهم كموقع البشري عند صاحبها ؛ لثقة الفهم بما يرد عليه من معناهما ..)
ثمة عيارين نقديين في هذا المقبوس
أولهما :
أن علي النص الجيد أن يهب الفرصة للمتلقي للحدس والتفطن ..
وثانيهما :
أن يصاغ النص وفقاً لمبدأ التلويح الذي يصون درجة من الخفاء ؛ بحيث يحرّض في المتلقي شهوة اختراق المستور ؛ والإلتقاء بالأسرار ..
وفي العيارين استدراج للعقل يسوقه الناقد بلطف ؛ ملوّحاً بالمكافاءة التي يستحقها المتلقي عن جدارة نتيجة لما بذله من جهد ؛ وهو ما يعني أن النص الجيد إنّما يعلّم بالإمتاع ؛ يتضح ذلك من لفظة ( البشري ) حيث يري في الصلة بين النص والمتلقي نوعاً من الوعد بنشوة وانتعاش لقد أدرك ابن طباطبا أن المتعة أساس القراءة .
فإذا انتقلنا من ابن طباطبا إلي الجرجاني 1100 م ؛ سنجد أن مبدأ التلويح الرمزي الذي قال به الثاني هو جذر عند الأول ؛ بل إن معظم المبادئ الكبري في نظرية الجرجاني مبثوثة علي هيئة نويات جنينية في عيار الشعر .. فما يقوله ابن طباطبا عن :
" تقريب البعيد وتأنيس الوحش حتي يعود مألوفا محبوبا ً " ..
وكذلك :
" إبعاد المألوف المأنوس به حتي يصير وحشياً غريباً " ..
كل ذلك هو صلب مذهب الجرجاني في التباعد وشهوة الإغراب .. لقد ابتكر هذا الأستاذ - الجرجاني - منهجاً مفتوحاً في استيعاب النصوص الأدبية ؛ خلاصته أن الكلام الفني " قولٌ راح السمع يسترقه أو يختلسه اختلاسا وهو يتصنت علي النائي والعميق ؛ ولذا فإن ما يندرج في النص من فحوي ومضمون هو جملة من العناصر التي من شأنها لدي التفسير والتأويل أن تتماوج وتتعدد باستمرار" أي ينبوع ثر يمكن للنقد المعاصر أن يشرب منه حد الأرتواء !!
لنتأمل ما ذهب إليه في أسرار البلاغة من أن الكلام الناجح ينطوي علي " شدة ائتلاف في شدة اختلاف " .. أو " الأسلوب الأدبي الفذ يجمع أعناق المتنافرات والمتباينات في ربقة ؛ ويعقد بين الأجنبيات معاقد نسب وشبكة " .
فرشة :
الشعرُ .. خزانةُ أسرارِ الشاعر . . لكن ثمة أسرارٌ تمنح نفسَها بمجرد انكشافها ؛ وأسرارٌ تنكشف مُلغزةً
لتدعونا لإعمال الفكرِ والثقافةِ والفنِ في محاولةِ لفك شفراتها حتى تستجيب للفهم وتقبل بالدخول إلى لُجةِ الإدراك وحينها نفوز بلذة الاكتشاف .. هل آن الأوانُ لإعادة أسئلتنا عن الشعر حتى تستجيب الإجابات ؟!
الصدقَ أقولُ لكم إننا بين يدي مشروعِ شعري يؤكد على أهمية ذلك .. حيث يلمح خطابُ شاعرنا بومضات يكتنفها روح التحدي أن خطابه الشعري لم يعد مجرد رسالة صماء بين مرسلِ هو الشاعر ومستقبل هو المتلقي ؛ إنه يرفض أن يكون خطابه ثمرة جاهزةً يلقيها على الآخر فيتذوق حلاوتها أو مرارتها كما هي راضياً سعيداً أو رافضاً مستنكراً ؛ أو أن يكون خطابُهُ خطاباً علوياً أو رسولياً يلقيه على الآخر من فوق منبر لا يقبل المناقشة أو الجدل ..
إنه يضرب مفهوم التلقي منذ عنوان ديوانه ( قصائد تسعى وأخرى تصل ) ولقد قدَّم القصائدَ التي تسعى على الأخرى التي تصل مؤكداً على ضرورة السعي قبل الوصول فإن وصلت وإن هي ظلت تسعى في سبيل الوصول .. ويأتي عنوان القسم الأول ( دائماً يكادُ ) مخلخلاً لقاعدة الصيرورة فالصياغة العادية أو المألوفة هي ( يكادُ دائماً ) وهي تحتاج لاستكمال العبارة يكاد دائماً ماذا .. لكنه هنا يجعل ( دائماً ) هى جواب ( يكاد ) لتكون العبارة ذات معنى كامل ويجعل من ( يكاد ) شرطاً ل ( دائماً ) .. وهكذا .. وإلاَّ فماذا نجيب على سبيل المثال لا الحصر عن ماهية هؤلاء اللواتي سيواجهن الليل الموصوف بالفارس الذي يباغت النهار في الغروب ثم يسأل : هل يواجهنه ظهيرةً ؟ ! ..
الصراع بين الليل والنهار فمن هن هؤلاء اللواتي يسأل الشاعر عن مواجهتهن لليل في الظهيرة ؟ ثم يتحول الخطاب إلى ال ( أنتَ ) والراجعة على الشاعر نفسه : وأنتَ لم تزل تعترض ؛ تقدس الشمس وتعشق احتضارها .. إلى آخر الدفقة الشعرية فهل هن صاحبات الاستضافة التي هي عنوان القصيدة ( استضافة ) .. ربَّما .... إنه المسكوت عنه والذي لن يتكشف إلاَّ بمعاشرة نصيَّية للنص في كليته .. وإلاَّ فماذا سيكون تلقينا للفظة ( فتضجر ) في هذا السياق : دقٌ يتصلْ بعد صمتٍ كان كبحرٍ نامت أمواجُهُ حتى وخزته مناقيرُ النورس والواجب أن يتضجر منفعلاً فتضحر .
هل هي أمر من الشاعر للصمت .. أم هي استجابة لجملة : والواجب أن يتضجر منفعلاً .. فتضجر ؟!!
لكلٍ منا أن يبدع نصَّه الخاصُ به من خلال نص الشاعر ؛ وسوف تتعدد النصوص وتتباين بتعدد القراء وتباين ثقافاتهم وأمزجتهم النفسية ؛ كما ستتعدد القراءات النقدية ؛ الأمر الذي يجعلني لا أدعي أن قراءتي هذه هي قراءة جامعة مانعة يؤخذ بها ؛ بل أقر راضياً مغتبطاً أنها مجرد قراءة ضمن قراءات كثرت أو قلت .. وإذن .. وأيّا ما كانت المناهج التي راحت تقيس أو تصنف درجات الشعرية في القول ؛ فسوف تظل الشعرية – عندي - : هي مدي تحقق فكرة انفتاح الوجود داخل الذات الشاعرة ؛ ومدي تبلور قدرة الممكن علي اللانهاية ؛ فيكون دائماً في الإمكان أبدع مما كان .. حيث كل جهد معرفي يثير شعوراً ؛ وكل شعور يحرك معرفة ً هو فتح ٌ لا يتوقف عند حد ؛أو – فتوح مكية – بحسب ابن عربي - .. وهذا مبدأ أولاني شامل ؛ ولا شك أنه مبدأ جدلي خصيب ؛ ومعطاء ؛ ولدي تطبيقه علي الأدب ؛ وخاصة الشعر ؛ فإنه سوف يفضي إلي فكرتين كبيرتين :
أولاهما :
تتلخص في حرية الإبداع مادام أن ليس ثمة حدود يرتطم بها العقل فيتعطل عندها .
ثانيتهما :
تنطوي علي أن النص الشعري يقبل شتي التفسيرات ؛ ومناهج التأويل والنقد دون أن يتمتع أي منها باحتكار المصداقية لنفسه ؛ أو بالحق في نفي الآخر ..؛ وهكذا تكون مساحة بلا تخوم قد انفتحت أمام كل من الشاعر والناقد معاً ؛ مما يعني أن كل انحباس داخل أية منظومة منهجية هو ضرب من التحجر والجمود ..؛
ومما هو ناصع تماماً أن القول بانفتاح الدلالة وانفتاح الوجود الدائم : الليل يباغت النهار في الغروب أنت تقدس الشمس وتعشق احتضارها صمت كان كبحرٍ نامت أمواجه حتى وخزته مناقير النور لسان مجدول من صمت ليشنق بعض الحروف القشور التي لم تَصح بالثمر لتواجه شمساً لم تغسل يدها من دماء السَحَرْ .. مائي شجريُّ الجَمالِ ؛ وهبته للقبائلِ ... الخ .. إنما يرمي إلي واقعية بلا حدود أو بلا ضفاف ؛ فمن طبع النفس الشاعرة أنها خيالية تتبرم بالحدود وتبغضها ؛ وهذا التبرم هو ما يدفعها إلي إفراز الرؤي ؛ وشتي صنوف الأخيلة التي تمكنها من الفرار إلي الرحاب الواسعة المنداحة بكل اتجاه ؛ أو بحسب القرآن :
" في كل واد ٍ يهيمون " ..
فبواسطة الخيال الإقتحامي يملك الروح البشري أن يولج في الوجود الحي ما يحتاج إليه من نكهة ومعني قادرين علي مكافحة اللامعقول ولو نسبيا ً ..
هكذا تختلف الشعرية مثلا ً مع علم النفس الحديث ؛ فبينما يزعم ذلك العلم بأن الخيال تعويض ؛ بل أن الفنون كلها تعويضات عن رغبات مكبوتة لم تنل حقها في الإشباع ؛ فإن الشعرية تري الأخيلة والفنون برمتها تكميل لما ينقص الوجود وتجميل له ؛ وهذا يعني أن الشاعر والفنان عموماً يملك أن يشارك في عملية الخلق عبر الفعل والخيال الإقتحامي البكر " والله أحسن الخالقين " .. ولعل في مقدوري الآن أن أعرِّف الشعرية علي أنها الانفلات من سجون المادة ؛ ثم الفرار صوب الكائن الذي تصير اللغة شعرا ً حين تقاربه أو تدانيه ؛ ألا وهو الشاعر .
عن إنتاج التجربة الشعرية تصويرياً :
لا شك أننا بين يدي شاعر ينتج تجربته الشعرية تصويرياً بامتياز فذ ..وغذا كانت الصورة الشعرية تنتج بدايةً من إيجاد علاقة بين محسوسين لا علاقة بينهما في الواقع ؛ ثم من انتاج علاقة بين حسي ومعنوي فإننا سوف نجد أن هذه التقنيات الفنية قد اشتملت خطاب شاعرنا في كليته وأدق تفاصيله : فالليل والنهار والغروب محسوسات والعلاقة الزمانية التتابعية بينهم في الواقع منطقية معروفة ومألوفة لكنهم حينما يأتون إلى شعر شاعرنا نجده قد أوجد بينهم علاقات ليست موجوده في الواقع حيث يصبح اليلُ فارساً ولا علاقة في الواقع بين الليل والفارس ثم أنه يباغت النهار في الغروب والمباغته علاقة غير واقعية بين الليل والنهار ويتحول الغروب من زمن انتقال طبيعي للنهار إلى الليل لحظة مباغتة ..
وهكذا بين الصمت المعنوي والبحر الذي نامت أمواجه وهذه العلاقة التي تنشأ من فعل الوخز بمناقير النورس – ولاحظوا أن الشاعر جاء بمناقير جمع منقار للنورس الفرد ولم يشأ أن يجمع النورس فيقول مناقير النوارس .. فقد استخدم النورس هنا كأسم جنس يدل على الجمع ؛ وإن المقصود نورس واحد لقال :
وخزات مناقير النورس ..
بعد ذلك سنجد العلاقة بين الصمت الذي أصبح حبالاً يجدل منها اللسان وهي علاقة لا وجود لها الواقع تنتج صورة تنساح وتمتد ليقوم هذا اللسان بشنق الحروف التي لم تصح بالثمر وهي علاقة أخري وتستمر الصورة في الامتداد لتواجه شمسا لم تغسل يدها علاقة أخري وهي تغسلها من دماء السحر علاقة أخري .. كل علاقة تنتج صورة وكل صورة تسلم لأخري يربطها جميعاً فعل الدق حتي أنيك إذا تابعت إنتاج التجربة تصويرياً فستد الصورة التوقيعة :
الليل فارس ..
تبدأ ثم تمتد وتنساح على جسد النص من الصورة البسيطة إلى المركبة صمت كان كبحر نامت أمواجه حتى وخزته مناقير النورس للصورة الممتدة وصولاً بعد انتهاءك من قراءة القصيد لتكتشف إنها في مجملها صورة .. نعم الصيدة كلها صورة أو لنقل إن الشاعر ينتج تجربته تصويرياً ..
شاعرنا إذن لا تقف الصورة عنده عند حد معين ولكنه ينتج لنا ما يمكن أن نطلق عليه بسينمائية الشعر .. نعم .. سينمائية الشعر ؛ حيث التصوير عند شاعرنا عبارة عن كادرات سينمائية متحركة تشاهدها وأنت تقرأ النص تتالي أمام عينيك : الرب الذي غزل الخلود والغيوب بثلجهِ القطني فوق نوله الذي يشابه البكاره .
لكنما في النفس خضرةٌ لها لون الجنوح . بينما السماء ُ تمطر فوق ما تشاؤه ..... ال .. ثمة تقنية تصويرية أخري ينجزها الشاعر خلال تجربته أو ينجز تجربته من خلالها أقترح تسميتها بالمزاوجة التصويرية .. ففي قصيدة ( البطريق ) أولى مجموعة قصائد تسعي وأخرى تصل ( ص 40 ) نلاحظ أن المقطع الأول خاص بالذات الشاعرة : على الدوام أتمنى أن أراني صاعداً نحو السماوات مضيئاً لحظة الوصول هل شوهد القمر فوق الأرض وهو يتمنى.. أمَّا المقطع الثاني من نفس الدفقة فهو خاص بالبطريق : إنما شوهدت السماء في عش البطاريق عسى لو رجعت عارفة أسرار أجنحتها ..
إن الصورة هنا تستخدم الطبيعة : القمر والسماء والأرض كعامل مشترك لتوطيد وجه الشبه بين الذات الشاعرة والبطريق في عدم قدرة كل منهما علي التحليق .. البطريق هنا رمز للشاعر كما سيكون العنكبوت والحمامة اللذان ينتظران نصيبهما من الوليمة على سبيل المثال في موضع آخر بقصيدة ( وليمة ) رمزاً آخر غير دلالتهما المعروفة في قصة الغار بين الرسول ( صلعم ) وأبى بكر وكفار قريش .. لا شك أن كل جديدٍ إنما خارجٌ من رحمٍ قديمة ٍ ليست هناك كتابة من الصفر ؛ ربما آدم وحده هو الذي بده العالم بخطاب طازج تماماً على الرغمٍ أيضاً من أنه قد تعلم الأسماء كلها أي أنه أيضاً بده العالم بخطاب طازج بالنسبة للعالم لكنه خارج من الله سبحانه وتعالى ..
وشاعرنا له تناصه الخاص فلم نجد مثلا أنه يتناص مع نصوص سابقة التجهيز لغيره ممن سبقوه من الشعراء أو يلجأ لتوظيف أساطير من أي نوع كما نجد ذلك شائعاً في جل المطروح الشعري المعاصر ؛ لكنه يتناص مع قصص القرآن الكريم ولا أقول مع لغة القرآن أو آياته ولكنه تحديداً مع قصصه وهو لا يستدعى القصة القرآنية كما هي إنما يتكئ عليها لإنتاج أسطورته التي تخصه وتخصصه ؛ ومن أمثلة ذلك تناصه مع قصة طوفان نوح : اغرق السماءَ طوفان ُ الدجى الذي سبي خصوبة السماء بهودج البوار خالعاً براعم الضياء كي تبقي عيوننا تلوك جوعها " وقيل يا سما ابلعي ضياءَك " .
وهو قد وضع السطر الأخير بين علامات التنصيص إشارة لكونه اقتباس من لغة القرآن وأنا لا أرى ضرورة لذلك حيث هو لم ينقل الآية الكريمة حرفياً والتي هي : " وقيل يا سماء أقلعي وغيض الماء " ومنها أيضاً تناصه مع قصة مخاطبة المولى عز وجل لموسي بالوادي المقدس طوي : أخلع عينيك فإنك
في حضرة الأذنين . ومنها تناصه مع قصة عصا موسى عليه السلام في قوله : العيونُ كلها ألقت رغباتها حياتٍ تسعى في صدري وأنا لا أملك أيَّ عصا. ومنها تناصه مع قصة الغار في قوله : أبا بكرٍ غادرني الآن فالعنكبوت والحمامة ينتظران نصيبهما من الوليمة . هكذا يتضح لنا أن شاعرنا إنما ينحت أسطورته الخاصة التي تميزه .
وبعد ... وإذا كان التضاد ؛ وانخراط الأضداد في الوصال هو أس فكر الجرجاني الذي اشتق منه مبدأ شهوة التئام الشمل بين شيئين بينهما بون شاسع - ولا ريب أنه مبدأ ذو ماهية غرامية - وقد طابق فحواه بدقه بين معايير الأدب ومحتويات النفس ؛ حيث يقول الجرجاني :
" وجدت التباعد بين الشيئين كلما اشتد كان إلي النفوس أعجب ؛ وذلك موضع استحسان ومكان استظراف أنك تري الشيئين مثلين متباينين ؛ ومؤتلفين مختلفين " ..
فلنا أن ننظر إلى مدى انخراط هذه الأضداد في الوصال عند شاعنا في مثل
قوله :
شققت للجميع مائي مقيماً بأضلعي ضريحية المرحلة .
وقوله :
أخذاً الجفافَ راحلتي صياماً .
وقوله :
لا الشمس تغسل نورها بع الآن فيَّ .
وقوله :
فليضرب النورُ رأسهَ في الطمي ؛ ربما يرد . إنه نداء النائيات ؛ أو اشتياق الحضور للغياب ؛ والعكس ؛ أو لنقل إنه مبدأ المسافة ..
أليس مبدأ المسافة هذا مبدأ صوفي بامتياز ؛ حيث تؤمن الصوفية بأن الأشياء لا تكابد رهقا مثلما تكابد الفراق والفصال والرغبة الحارة في اللقاء والإندماج .. ومن هذا المبدأ ولّد الجرجاني مبدأ الغرابة أو شهوة الإغراب علي حد قوله ..
لقد راح / محي الدين بن عربي في شرحه لديوان ( ترجمان الأشواق ) خلال كتابه ( زخائر الأعلاق ) إلي المنهج التأويلي الذي من شأنه أن يحيل الظاهر إلي باطن لا يري للوهلة الأولي ؛ ويكشف عن فحوي مخبوء في داخل النص نازعا ً إلي تحليل الجملة ؛ والشذرة التصويرية ؛ والنسيج الأسلوبي ؛ متعاملا ً مع الألفاظ بشكل فقهي أو اشتقاقي لم يعمد إليه من قبله ؛ وربّما من بعده أيضا ً ؛ مثال ذلك تفسيره لكلمة ( الجوي ) بقوله :
" الجوي هو الإنفساح في المحبة ؛ لأنه في الحقيقة مأخوذ من الجو .. وهذا يعني أن الجوي هو الحب المطلق السراح الذي لا تحده حدود ؛ ولا تقيده قيود ؛ وذلك لأن الإنفتاح أو الإطلاق هو السمة الأولي للجو الذي اشتقت منه لفظة الجوي "
.. هكذا وجد الشيخ صلة فقهية أو اشتقاقية بين الجوي والجو ؛ بسبب هذه الصلة صارت لفظة الجوي حاملة لمحمول عاطفي عظيم ؛ ونازع إنساني مطلق .. لقد أكد الصوفيون دائما أن الرؤيا غوص في نقطة العقل ؛ ورسخوا دائما لحرية الإشتياق ؛ وأرسو دائما
مبدأ العمق ؛ وتلاقوا دائما مع الجرجاني في توتره من أجل المسافة ؛ والدة الغرابة والدهشة والحنين .. وبعد ... فإذا كانت علة الكتابة الفنية بوجه عام هي رغبة النفس في أن تضع محتوياتها أمامها لتنظر إلي صورة ذاتها كما تنظر في مرآة ؛ فإن ذلك هو ما حاوله شاعرنا وأخاله نجح فتميز ولا نملك إلاَّ إن نبارك خطاه ونتمنى له المزيد من التوفيق والنجاح والله ولي التوفيق
محمود عبد الصمد زكريا
عضو اتحاد كتاب مصر الإسكندرية
في 31 مايو 2013 م
- Unknown
- 9:06 ص
- ادب ، الشاعر عمرو الشيخ ، اللغة العربية ، لغتي هويتي
- لاتوجد تعليقات
لغتي هويتي ..
العربية لغتي هويتي التي أشرف أن أولد و أحيا و أسعي و أموت علي أعتابها خادما و حارسا لم يكن من قبيل المصادفة أن يختارها الله عز و جل ليقول بها كلمته اﻷخيرة إلي البشر القرآن الكريم ، و ليست مصادفة أن تكون لغة أهل الجنة ..إنها العربية حور عين اللغات و أم اﻷلسنة اﻷكثر اتساعا و اكتماﻻ و ثراء بين كل اللغات العربية وعاء حضارتنا اﻹسﻻمية التي امتدت عبر التاريخ منذ ألف و أربعمائة عام ، و عبر الجغرافيا من الخليج العربي شرقا إلي بﻻد المغرب و اﻷندلس غربا .
هذه اللغة يحرسها القرآن و يضمن لها الخلود ، و يتناوب اﻷدباء عموما و شعراء الفصحي و المفسرون و علماء اللغة و البﻻغة علي خدمتها و التنقيب عن كنوزها الخالدة و من ثم فﻻ تاريخ و ﻻ جغرافيا و ﻻ حاضر و ﻻ مستقبل و ﻻ حضارة بغير لغتنا العربية إنها هويتنا الوحيدة ، و شرفنا الخالد
أموت و تبقين أم اللغات
هوية عمري برغم العداة
إذا رمت فخرا لثمت ثراك
إذا خضت حربا فأنت قناتي
لسان الختام خلود المعاني
و لو حان موت ففيك حياتي
- Unknown
- 1:06 م
- الشاعر عمرو الشيخ ، دواوين الشاعر ، شعر ، قصائد تسعي وأخري تصل
- لاتوجد تعليقات
حشـائش تطـاول أشجـاري
يبدو ...
أن الألغامَ التي زرعتها يدي
حولَ جذري ... لمْ تكُ كافيةً
ربما ... أن تلك الحشائشَ
لم تتأثرْ بأي انفجارٍ
أنا ... من ماءٍ
وتلك الحشائشُ تقتاتُ من ناري المستعارةِ
كيف السكنى لها ...؟!
كيف أَمَّنْتُ النارَ على مائي ...؟!
يبدو ...
أن ألغامي اجتاحها بالأمس انتحاري ...
ممسكًا سكينًا يغوص به ...
ـ راسمًا فوق ذاكرتي قلباً واسمين ـ
... دنا من لحائي
هرولَ مستشفيًا باعتيادِ
مثل اعتيادِ البندولِ طعمَ الوقت
تهم الحشائشُ ناميةً همَّةَ المفتعلْ
فَهْيَ يستهويها
نبشُ ذاكرةِ الشجرِ المغرورِ الذي
لا ينمو ... لأسفلْ
أيها الشجرُ :
ربما تأتي بومةٌ تبني وَكْرَها
فَتُضّمدُ / تَطْمسُ ذاكرةَ الشجر
أيها الشجر ُ :
دعْ كلَّ الحشائشَ تعوي
فهي كلما طالت ... خارت وانحنت
- Unknown
- 12:59 م
- ادب ، الشاعر عمرو الشيخ ، شعر ، قصائد تسعي وأخري تصل
- لاتوجد تعليقات
الخــروج على الـمـاء والفَلَكْ
في كلِّ ليلةٍ ...
أطوفُ قربَ بحرٍ
سامرَ الحسانِ ، هادنَ الرجالَ ،
... أدخلَ الشويعرين غرفةَ الحريمِ
في كل ليلةٍ ...
أرى البدرَ الأسيرَ يصطلي بالماءِ
وهْو رامقٌ بدرَ السماءِ الآمنَ المُتَّعِظَ
الذي انحنى أمامَ سلطانِ الفلكْ
في كل ليلةٍ ...
أخالُني غدوتُ نحلةً
لأنفذَ النيامَ مُلقيًا لهمْ ...
طوقَ الصباحِ وخزةً
لكنني مازلتُ أخشى أن أموتَ دائمًا شهادةً
مازلتُ لا أجيدُ إلا ظلمةَ (الطَنينْ)
.. .. ..
في كل فجرٍ تبصقُ الأمواجُ فوقَ شمعتي
لأنني ...
لَقَّنْتُها زيتَ قصائدي الذي ...
لم يتأَزَّرْ صوتُهُ ـ لحنًا ـ وصوتُ جوقةٍ الماءِ المقيمْ
يا شمعتي (العذراء) لا ...
لا تخجلي من مولدِ اللهبْ
ولتحرقي في كل جذعٍ هادنَ ...
ولم يُساقطْ فوقَنا ... إلا السغبْ
يا شمعتي إن حاصروك بالعيون الغائمةْ
مهددين جذوةَ الشرفِ
لا تستعطفي ... لا تنطقي
سينطقُ اللهبُ
ثم يطردُ الماءَ الدخيلَ ـ فُرْقَةُ ـ
... ربما ينالَها شهادةً ...
تحت حوافرِ المياهِ سُلَّمًا
(ليصعدَ)
.. .. ..
يا راهبَ الفَلَكِ لا ...
لن أشتري ... منك العيونَ الخشبَ التي
تضيءُ باحتراقِها للحظةٍ ...
وترتدي السوادَ للأبدْ
- Unknown
- 12:44 م
- أساطير الاخرين ، الشاعر عمرو الشيخ ، دواوين الشاعر ، شعر
- لاتوجد تعليقات
النهر القادم من الجنة صوب الشاعر الوليمة
تقول أسطورتك :
إن الكوثر استقر فى الجنة ،واصطفى من مائه ما يليق بالوضوء . . وضوء الأميرة حين ارتفع الأذان فى قلبك دون الحين ودون الـمـكان .. فما إن حطت عيناك اليمامتان على الماء ، حتى تصافى وارتقى ، وما إن لمسـَتـْه راحتاك البراق حتى استدام نورانيًا فلما تجـلَّى له جبينك تطيَّب بعبير له عبق الرحمة والمغفرة ، ثم لاحق الماءُ كعبيك أينما شدَوَا خفيفين فكان نهرك.
نهرك الذي أخذ طريقه أينما سار يزرع ضفتي حنانِ وسواحل تلوح للغرقى أقرب من جنيات الفزع ، واحتمل صخور الجنيات القاسية شاقا في الضلوع / الحجر، والصدور / الكهوف الموحشة ممراتٍ لها أمومةُ النور فانتظرتـْك قلوبُ الأطفال في حكاياتهم كلما الأشباح لاحتْ ..
ثم بثّ لؤلؤاتـِه كلما تراقصن صغن للقلوب المواتِ نبضا يحييهن حينا إلا اللؤلؤة المنتظرة صانها واستمر نهرك في المسير كأنما يبحث عن ذاك المنتظِر – دون ساحل –
مرَّ ، ومرَّ ، ومرَّ قدر الانتظار؛ كي يسقيَ القلبَ الخربَ شربةً لن يحزن بعدها أبدا ، واستأنس الحياة .
- Unknown
- 12:35 م
- ادب ، الشاعر عمرو الشيخ ، دواوين الشاعر ، ديوان المملوك ، شعر
- لاتوجد تعليقات
بينهما برزخ فيه يتجاذبان
ماذا
لو أن الشراب نفد
ولاحت للوجوه خلف الزجاجات منتصفة الشراب
ملامحُها .
في فرصةٍ عظيمةٍ لتفسير التاريخ
على فُرشٍ حاضرية وثيرة
هي دعوة للفارس المتقاعدِ
وراء ضلوعي الطيبة
تدفعه طفلة صغيرة فوق مقعده
والكل يساوم
ضامنًا الربح الوفير
فمن لا يشتري مذكرات الفارس الكسيح ؟
وأنا ...
لا أحتمل نظراتكم المحملة
بما خف وزنه وثمنه
صوب صدري المثقوب
ونياشين الدنيا أجمعين
لن تمنع تسربي
آهٍ لو أعرف
حاربت في جيش من ... ؟؟!!
.. .. .. .. ..
سيدي :
البحرُ مرتفعٌ
ـ أنا ما علمتك علم البحار
ولا حال الصعود أو الهبوط
سيدي :
حدثني عن البحر ...
البحر سره للغرقى
ورمله سور الضريح
سيدي ... أقدمك ؟
سيدُ التاريخ أتى
سيدُ التاريخ أتى
... لم يلتفت أحد !!
لا موكب ... ولا مزاحمين
... ولا متربصين
فلمن أتيت ؟
تمشي وحدك
تموت وحدك
لكنك ...
لن تُبْعَث
لن تهنأ بجنان نسميها الخلود
من تحتها أنهار اللقى ...
ولا النيران ستحتويك
كل أردية العظمة أمامك
فانتق ما شئت
واستعن
بضمادات البطولة
طوبى للمفسرين
سيقولون :
الأشجار تموت واقفة (أهذا نصيبك من الشجر؟!)
والشمس ما غابت
إنما في الجهة الأخرى (ألم تزرها مرة ؟!)
سيقولون ويقولون ويقولون
وأنت أبدًا ملعون
محروم أن تكون في جوقة القائلين
فلمن أتيت ؟!
سيدَ التاريخ
لا البحر سيرويك
ولا الأحلام مخرجاتك
ولا الأسرار مغرقاتك
قدرُك
أن يضرب الماء حولك أقفاص العطش
والشطآن أجمعين
لم يفتقدك عليها أحد .
سيدَ التاريخ :
يمر بك المنتصرون
دون شماتة أو شكر
ويمر بك المهزومون
دون ملامةٍ أو عذر
تؤنسك التمتمة الخجول :
آه لو أعرف
حاربت في جيش من ؟!!
عمرو الشيخ ـ دمنهور
2008
- Unknown
- 12:22 م
- ادب ، الشاعر عمرو الشيخ ، دواوين الشاعر ، ديوان المملوك ، شعر
- لاتوجد تعليقات
ـ الورد العبيط ـ
الوردُ العبيطُ
يمنحُ العسلَ للنحلِ ـ رسالةً ـ
يتوشحُ بتواضعِ جنديٍّ مجهول
ـ بينما نحنُ نغني
لعظمةِ النحلِ
ونحتاط عند اقتحام ـ الخلية ـ
عندما تدنو الأيدي
يغمدُ الوردُ أشواكَهُ
متراوحًا بين الثقةِ والخجلِ
من توقعِ الإطراء .
.. .. .. ..
.. .. .. ..
.. .. .. ..
الوردُ تناثرتْ أشلاؤُهُ أسئلةً
والحبيبُ الأحمقُ
لن تكفيه البساتين
... الوردُ محنَّطٌ
في رأس وصدرِ العروس ...
زوجها ...
يتغلغل بحثًا عن الجذورِ !
... بينما الحبيبُ الأحمقُ
لم تسعفْهُ الزهرةُ الخبيئة
.. .. .. ..
الوردُ .......
يزركشُ نعشَ (المرحوم)
مسكينٌ ...
انطلقتْ عليه أسرابُ النحلِ
... تمصُّ رحيقه
.. .. .. ..
الوردُ
يكنسهُ الفراشون ...
بعد انصراف الممثلين ...
والمتفرجين .
عمرو الشيخ
30/5/1998
- Unknown
- 11:59 ص
- الشاعر عمرو الشيخ ، بهجت صميدة ، دراسات نقدية ، دراسات نقدية بقلمي ، ديوان العصافير ترفض موتي
- لاتوجد تعليقات
الشعر إرادة حياة .. دراسة في ديوان (العصافير ترفض موتي)
للشاعر / بهجت صميدة
4ـ الصورة
الشيطان يكمن في التفاصيل .. هكذا قالوا ، لكن في الشعر الحقيقي النعيم في التفاصيل ، والشعر العظيم أعظم مكوناته على الإطلاق الصورة المدهشة وليدة الخيال الخلاق
ولا أعني هنا مجرد الصورة الجزئية التي يستطيع الذهن الذكي والمثقف إنتاجها
ولا الخيال الكلي الملغز المستهدف للغموض من باب التعالى على النص والقارئ
وإنما الصورة التي أعنيها هي تلك الصور الجزئية التي لا تكتب لها الحياة إلا مجتمعة في خيال كلي حجته الوحيدة الجمال ، وشهادة جودته الدهشة ..
سواء كان الخيال / المجاز رمزيا مشهديا لغويا أو ذهنيا .. أو .. أو ..
كلها مصطلحات أنتجها نقاد ولم يعترف بأبوتها أي شاعر حقيقي المهم أن يتحقق للخيال المتعة والدهشة والجدة وأن يعمق المعرفة الشعرية والإنسانية على حد سواء ، فالخيال العظيم غاية ووسيلة
هذا النوع من الخيال لن تبذل جهدا في تتبعه في ديوان (العصافير ترفض موتي) الذي تزداد القيمة والمتعة كلما تأملت تفاصيل الخيال دون عزلها عن الديوان أو القصائد
بداية تلك الصور المدهشة (العصافير ترفض موتي) وما فيها من إيحاءات أشبه بالمتتابعة الهندسة اللانهائية الدلالات
فهناك عدة مستويات : الأول استعاري يجعل العصافير وكأنها أشخاص ترفض موت الشاعر ، مع جعل الموت شيئا قابلا للرفض وفق المنطق الشعري المغاير بالطبع للمنطق الحياتي وذلك من أهم قيم الشعر .
أو استعاري من جهة أخرى فلربما يشبه الشاعر قصائده – المثل العليا – لحظات الصدق – أصحابه – أطفاله – أحلامه ... بعصافير رقيقة ترفض موته تلك الصورة تحدث المفارقة ويكفي السؤال
.. هل تقوى العصافير على ذلك الفعل المنسوب لها ؟!
قطعا لا .. ومن هنا يراوغنا الشاعر تراها نجحت العصافير ؟ أم لا ؟ وهذا دو الخيال المنتج للمعرفة والمحرض على التتبع
فإذا دخلنا إلى الديوان سأكتفي ببعض النماذج المبهرة الدالة على أصالة وخصوصية شاعرنا
يقول في (مقطع من قصيدة الموت) صـــــــ 15:
الموت ماء
ليس في كوب الحياة سوى رؤاه
يضمني قبر بعرض سماء ذاكرتي
فأمشي طالبا نفسي
فتنكرني
هذه السطور القليلة تحمل صورا لا أبالغ لو وصفتها بالفذة تحقق ما عرضته في الجزء النظري – بخصوص التصوير – أي دهشة من ذلك التشبيه النادر – غير المسبوق – (الموت ماء) وأي مفارقة بين الموت / العدم / الفناء والماء / الحياة / النماء .. مما ينتج معه إحساسا بكراهة الحياة وعمقها وفكر العدم
هذا الموت / الماء لا يحوي كوب الحياة غيره ، ومتى بلغت نهاية الكوب فأنت – فعليا – قد مت .
وتصبح تفصيلة من تفاصيل الحياة عبارة عن طوبة في صنع قبر باتساع ذاكرة الشاعر / تجاربه الحزينة تلك العدمية يؤكدها بكل صور النص ذاته (مقطع من قصيدة الموت) فيقول :
بدايات الهوى موت
نهايات الهوى موت
فيا من يشرب امرأة من الوهم
استلم قبرا من الذكرى
وحنط جثة الأسى الجريح
فعقارب الأحلام
أوقفها انتماء الليل للتاريخ
كسرها اختفاء الريش
من كل العصافير ..
البداية تشبيه يبدو تقليديا ، لكن هيهات ؛ فالموت عامل مشترك ، والحب اختراع من الشعراء لا يتجاوز نوعا من الخمر ليست الإفاقة من تأثيره إلا وسط حصار من الذكريات على هيئة قبر تتم فيه عملية تحنيط للأمس الجريح ، وهنا المفارقة فالتحنيط كما هو متعارف عليه للموتى ، لكن الجرح فقط لدى الطبيعة المرهفة يساوي الموت يساوي توقف الأحلام عن الحياة توازيا مع اختفاء الريش من العصافير إيحاءً بأن القدرة على الطيران انتهت ..
هنا سيتنبه القارئ أن الشاعر خدعه فكل تلك العدمية لم تستطع أن تقلل من المتعة الجمالية المدهشة (فبهجت) واحد من أولئك الشعراء
العظام الذين يدركون أن الشعر فن وأن الفن خلق للجمال .
أيضا يجيد (بهجت) في استخدام الخيال كجواز مرور للتعامل مع التاريخ يقول في (العصافير ترفض موتي) :
والريح تنفخ فيَّ النار
تحرق جثة هابيل
ترفض أن تدفنه
الصورة تمكن (بهجت) من خلق جغرافيا جديدة ، يقول في قصيدة (مقاطع كبيرة) :
أبحرت فيَّ
فلم أجد لي مرفأ
كل البلاد الداخلية أعلنت رفضي
وردت لي جوازي
يجعل من نفسه عالما ورغم اتساعه لا يجد لنفسه في نفسه مكانا وهنا يتعاظم دور الخيال في تصوير تلك الغربة وواقعا فإن الجغرافيا والتاريخ وجهان لعملة واحدة لذلك يمتطي (بهجت) خياله المنطلق في تصوير تاريخه الخاص أو تاريخ البشر فيقول في نفس النص :
أنا منذ عشرين قرنا ولدت
التقمت من الأرض ثديا
وثديا من الشمس
واشتقت للخبز قبل الفطام
وكنت الوحيد الذي رفض التمر
في أسرة من نخيل ..
صورة كلية تحمل مشهدا دالا في بعده الأول على اغتراب الإنسان عموما وفي بعده الثاني على اغتراب شاعرنا ، وفي بعده الثالث دلالات على محاولات شاعرنا التعايش لكنها الذات الشاعرة تأبى إلا العزف المنفرد عن الحافظين .
كذلك مكن الخيال (بهجت) من صنع أساطيره الخاصة ومنها مثلا ما قاله في (للبحر رأي آخر) .. صــــــــــــــ 62 :
يجيئون مثل احتلال المساء لقلبي
بجيش من الخيل يبدو نبيلا
لكل جواد ثلاثون رأسا
بمليون عين
تُحَدِّقُ في كل صوب
فلا تبصر البحر إلا قليلا
تظن الخيول المياه طريقا
فتلقي أعنة الرؤوس إليها
فتسرع للبحر
تسقط منها الرؤوس
ولا يتبقى سوى جسدٍ
يمطيه الهواء
ليصعد نحو السماء
ويصبح لا شيء غير الفراغ دليلا
يصنع (بهجت) عالمه الأسطوري المضفر من صور جزئية فريدة مثل (احتلال المساء لقلب / جيش من الخيل يبدو نبيلا / لكل جواد ثلاثون رأسًا / بمليون عينٍ / تظن الخيول المياه طريقا / تسقط منها الرؤوس / ....
بنى (بهجت) بالصور الجزئية المتتامة في صورة كلية عالما أسطوريا متكاملا بعناصره المثيرة والمدهشة ، صانعا رموزه الخاصة المحرضة على التأويل فتتعدد فضاءات النص ومن ثم تتحقق المعرفتان : الشعرية والإنسانية ومن قبلهما المتعة الجمالية .
المتعة تصبح أكثر نورانية شفافية صوفية في نص (حصار الورد) ولا أقصد بالصوفية المذهب إنما المنهج – إن جاز التعبير – فجاءت صور (بهجت) في هذا النص دالة على توحده مع النص والوجود بعناصره (الرمال / الشمس / جبل / الأرض / النجوم / النور / الكهوف ....
صنع هذه الصور برهافة نادرة (النجوم دموع يساقطها الليل) (تخرج من رحم الرمل عصفورة ، يحمل الوردَ منقارها)
ثم يزداد (بهجت) توحدا مع نصه والوجود حتى تكاد لا تميز أحدهم عن الآخر ، فيقول :
يحاصرني الورد من كل صوب
ويمزجني بروائحه
أتفاعل
رائحة الطين يغلبها الورد
تشهد هذا التفاعلَ كل النجوم
فتضحك
ثم تزداد الصورة عذوبة ورقة وتصوفا حين يقول :
أشعر أن السماء اصطفتني
بعصفورة تخرج الموت مني
وتبعثني بقصائد حب
إلى الكافرين بنور الحياة ..
لربما تبدو تلك الصور مخالفة لمقصد الديوان إلا أنه يعكس أن ذلك ليس إلا حلما شفافا ومحاولة نعم فقط محاولة للتوحيد بين الذات والقصيدة والوجود
فيقول في آخر ذلك النص المدهش :
أنا كالسحاب ..
امتلأت بماء الحياة
اختنقت بماء الحياة
اصطدمت بكل الجبال
ولم تسقط دموعي – بعد –
لتروي حقل الجمال
هذا هو بهجت وهذا شعره وهذا خياله لا هم لهم إلا جمال الشعرية مهما كان الألم والأزمات الوجودية والتأسيس الأيدولوجي والعمق الفكري
بذلك أنتهي أن شاعرنا وإن رفض الانغماس في الوجود وخلق عالما موازيا من الشعر فإنه كرس في هذا العالم لتفاصيل من الجمال تتجاور لتتفاعل وتتفجر دلالاتها في طاقات من الجمال وليد التخييل المدهش .
5ـ اللغة
للوهلة الأولى تجذبك اللغة ويبهرك الأداء اللغوي (لبهجت صميدة) ولا شك أن المقام ليس مقام مجاملة أو إبداء إعجاب وإنما مقام دراسة وتمحيص ونقد يميز الجيد من الرديء ويتتبع الجمال في النص وتبقى اللغة هي جسم الشعر ، وهي أهم عناصر بنائهونعني بها اللفظة المفردة ومدى فصاحتها ، وصحة استخدامها ، وملائمتها لغيرها من الألفاظ ، وقدرتها على نقل الإحساس والفكر بعمق دون تعقيد
وهذا ما نجده في قصائد الديوان لغة سهلة فصيحة سلسة لا يشوبها غموض معجمي يخرجها عن إطار العصر ، ولا يشوبها ركاكة أو عامية استخدام تبعدها عن فصاحة العربية الأصيلة
هي لغة رشيقة اتكأ فيها شاعرنا على معجمه المهتم بعناصر الوجود ولذلك نجد ألفاظا بعينها تكررت كثيرا مثل :
(الشمس / النور / أحيا / أموت / الموج / الزبد / النهر / الزرع / الأرض / يترعرع / صفصاف / الريح / شاطئ / المطر / الطين / النجم / الطيور / ماء / العصافير / النهار / الليل / جبال / النار / الأفاعي / اليود / الملح / نخيل / الثلوج / الرمال / الكهوف / الورد .........)
لا يخفى ما لهذه الألفاظ من دلالات جاهزة ، وإيحاءات مستقرة في ذهن المتلقي حتى لو قرأها هكذا منفصلة ، لكن الشعرية الحقة تكمن في قدرة الشاعر على استخدام اللفظ بأكثر من هوية .. هويته الأصلية ، هوية استخدامه ، هوية مجاورته مع غيره
أيضا هذه الألفاظ عكست اهتمام شاعرنا الكبير بعلاقته بالوجود المحيط به سواء الوجود الحقيقي أو الوجود الافتراضي ،
أو الوجود الحقيقي ولكن كما يراه الشاعر :
فالليل ألقى علينا السواد
وكفن فينا الحياة
وخبأ عنا اخضرار المياه
التي وصلت لفمي
لتكف لساني
وتنحت منه جبال الكلام
التي كونتها القصائد
من نبضات العصافير ..
لا شك أن المفردات : الليل / الحياة / السواد / اخضرارا ... تستطيع أن تغلب أي شاعر بغنى مدلولاتها الجاهزة لكن الشاعر الجيد المبدع الخلاق يجعل الليل في نفسه غير الليل المتعارف عليه ، والحياة غير الحياة ، وهكذا ..
أيضا السطور السابقة وهي من نص (العصافير ترفض موتي) أوضحت كيف انتقل الشاعر من الوجود المحيط إلى الوجود الداخلي لذاته (الوجود البديل) ولا شك أن براعة الشاعر اللغوية مكنته من ذلك الانتقال السلمي (جبال الكلام – القصائد ..) هذا الوجود البديل رسم الشاعر حدوده الخمس :
جسده / روحه / قلبه / شعره / عقله .. هذا الوجود سماؤه (بهجت) ، أرضه (بهجت) .. رسالته الحلم ، ورسوله الشاعر ، فهل من مؤمنين ... ؟؟؟!!!
لا تخشى ناري (الطير الوحد صـــــــ 76)
فأنا من نار لا تحرق من يؤمن بي ..
هذا الوجود البديل به نار وجنة وثواب وعقاب ..
هذا الوجود لا دليل عليه إلا شعره بل لا دليل على (بهجت) ذاته خير من شعره ..
من هنا نجد مستوى آخر من المفردات أو قل معجما خاصا بالوجود البديل الذي طرحه الشاعر من خلال ذاته عبر شعره مثل :
(عيني – القلب – جسد – روح – كلام – شعر – حلم – غربة – جبين – دم – حلقي – الأمعاء – يد – جلود – الجفون – فم – لسان – نبض – أسنان – الشرايين – الأوردة – الخلايا – الرأس – شَعْري ....)
لا شك أن هذا المعجم وسابقه سالف الذكر ، يجعلان القارئ يستطيع أن يجزم أن شعرية (بهجت صميدة) تكرس لعالمين ، وجوديين : وجود محيط (أعاد صياغته أو قل اكتشافه)
ووجود داخلي (قام بتخليقه افتراضيا)
من خلال براعته في الربط بين هذين الوجودين استطاع عبر لغته الطيعة وشعريته الواعية أن ينتج وجودا بديلا متكاملا من عالم شعري مبهر .
كذلك يعكس معجم (بهجت) اللغوي قدرته على مزج الألفاظ العصرية بالألفاظ التراثية فهو شاعر عاش في زمن ما لكن شعره سيعيش في زمنه والزمن الآتي ، واستمد جذوره من الزمن السابق وتلك سمة الفن الخالد
وجاءت ألفاظه العصرية مثل : (الشاي – المقهى – الفطائر – جوازي – الشنط – الرطوبة – كرات دمي البيض – فنجان – بنك الدم – بلازما – البنج ...) متناغمة في انسيابية تامة مع ألفاظه التراثية مثل : (الزبد – ريْن – سِدرة – دِمنة – المسغبة – ضمّخ / .............)
قد يقول قائل إن اللفظ العصري أو اللفظ التراثي اختراع أو وهم من النقاد .. لكن الواقع العملي للإبداع يناقض ذلك .
لا شك أن صفة العربية تنطبق على كل مفردات العربية لكن كلمة (ضمخ) عربية وهي في نفس الوقت لم تعد كثيرة الاستعمال بعكس كلمة مثل (بنك الدم)
وهذا المزج من شاعرنا نابع من إيمانه بأن واحدة من أبرز مهام الشاعر – دون وعي ذهني مفرط – إحياء بعض الألفاظ التراثية المهجورة ، وإضفاء فصاحة على بعض الألفاظ العربي قريبة الاستعمال من العامية ..
لكن هل تختار القصيدة اللغة ؟ أم تختار اللغة القصيدة ؟
لا هذا ولا ذاك .. الشاعر هو من يختار الاثنين تحت سطوة الشعرية الحقة فقط لذلك فبهجت هو من قال :
فكيف ألقي بذرتي في دمنةٍ
ما غسلت بالماء باطنها ..
وهو أيضا من قال :
أعلن بنك الدم أن فصائل حلمي
قد تتوفر بعد قليل
أعلن أن بلازما الحب – الآن –
انتشرت في طرقاتي ..
هل يمكنك أن تغير لفظا ؟ هل يمكن للفظ أن يستوقفك ويعطل الشعرية أم أن اللفظ أحد أبرز خدام الشعرية لدى (بهجت)
اللغة ذلك الجسد الذي لا يشيخ ، اللغة ذلك الوعاء الذي لا يقل أهمية عما يحويه .. تلك اللغة أحيانا ما تبدو كالإعاقة الجسمانية لبعض الشعراء ، وأحيانا يوفق بعض الشعراء وأحيانا أقل أقل أقل تصبح اللغة جناحات طيعة تصل بالشاعر أبعد السماوات .
من هنا فإن النصوص العظيمة من سماتها أنها تحمل لغة تجعل القارئ الواعي يسأل ذاته : هل تلك المفردات الموجودة في النص هي ذاتها المفردات التي كنت أعرفها خارج النص ؟!!
نعم لكنها خارج النص كانت جثة مثلجة ، وداخل النص صارت تفيض بالحياة متنوعة الدلالات والإيحاءات بل متلاحقة ومتنامية الإيحاءات .
6ـ الموسيقى
للموسيقى في ديوان (العصافير ترفض موتي) شأن في الحديث
بداية الديوان بأكمله يلتزم الوزن (شعر التفعيلة) وقد نوع في استخدام البحور الصافية (المتدارك – المتقارب- الكامل – الرجز – الوافر – المديد) وإن كانت البحور الثلاثة الأولى سيطرت على معظم أوزان الديوان
والشاعر متمكن في استخدامه الوزن فهو أصيل علمه بالعروض ، متمكن منه في رشاقة دون تكلف أو صعوبات أو لجوء إلى الرخص ، حتى تكاد لا تجد في الديوان أي لفظ مجلوب لاستقامة الوزن بل انسيابية كاملة دالة على عمق دراسة ، وحسن فطرة ، وغنى موهبة وطاقات لغوية ثرية جدا ، لكن الأبرز أن شاعرنا أبدع في استخدام الإيقاع الموسيقي وبالطبع الإيقاع أكثر رحابة من الوزن فمثلا قد توجد خمس قصائد من بحر الكامل لكن لكلٍّ إيقاعها الموسيقي الملائم لمحتوى القصيدة :
فمثلا انتعاش صـــــــــــــــ 10 من بحر الكامل
الشعر يغسلني ويمنحني نهارا من جديد
يستل من قلبي الهموم يذيبها مثل الجليد
ويطير بي نحو السماء أداعبُ النجم البعيد
وأعود منتعشا كأني ألفُ إنسان سعيدْ
إيقاع كله حيوية وحب للآتي رقيقا آملا ليس صاخبا .
هذا الإيقاع يصبح قويا متحديا في (حياة) صــــــــــــــ 11 من الكامل أيضا :
الآن منطلق أنا نحو البداية
فاحملي عني قليلا من هموم العالمين
ويصبح أكثر قوة وتحدٍ في ختام (للبحر رأي آخر) صــــــ 62 حين يقول :
إذا الشعر يوما أراد الحياة
فلابد للخوف أن يندثر
ولابد أن يصحو الشاعر المتكلس
أو ينتحر
ولا تخفى علينا معارضته للثوري الكبير (أبو القاسم الشابي)
ويصبح حزينا دافعا للأسى والتأمل في (مساء الدخان) صـــــــــــــ 13
ما للمواويل استكانت
والطريق محاصر باللافتات
وعلى المقاهي برتمي وجع السنين
ويزداد إيقاع الكامل هدوءا أشبه بهدوء الزهاد حتى لا تكاد تتحسس الموسيقى الصامتة في (مقطع من قصيدة الموت) صــ 15
الموت ماء
ليس ركوب الحياة سوى رؤاه
يضمني قبر بعرض سماء ذاكرتي ..
فأمشي طالبا نفسي
فتنكرني
ولا يحمي ضياعي غير ذرات التراب
لا شك أن تلك ليست إلا نماذج تعكس كيف يبرع الشاعر في تلوين إيقاع بحر واحد لكل تلك الألوان وما كان ليتأتى ذلك إلا من خلال :
1- عاطفة صادقة مهيمنة .
2- براعة لغوية وثراء يمكن من الانتقاء بسهولة .
3- خبرة صرفية بدلالات بنية الكلمات .
4- إيمان الشاعر أن الصوت واحد من مكونات العمل الشعري الدالة جدا .
هذا الوعي بقيمة الصوت والموسيقى هو ما جعل بهجت في نص (منذ كم ألف عام رأيتك ؟!) يبدو راقصا مرحا بموسيقى عالية دون صخب تشبه في إيقاعها نبض القلب فيقول :
هو الحب
يغرد فوق القلوب الشباكا
فترقص فيها الدماء
وتنعم بالقيد
ترفض أن تتخيل منه فكاكا
وتقسم أن الحياة بدون الحبيب
تصير الهلاكا ..
ولا شك أن التزامه قافية مطلقة (الكاف الممتدة) دون تكلف ساعده على نقل إيقاعه ، هذا الإيقاع تحمل بنجاح كبير نقل المعنى والإحساس حتى لك أن تفترض معي لو أن شخصا لا يعرف العربية وسمع السطور السابقة لأقنعته موسيقى بهجت بالحب والرقص في خفة هذا هو الشعر العظيم يعلو فوق لغته ذاتها ..
لغة تتجاوز حد الحروف الاصطلاحية (تنتهي بابتداء الألف) 29
نفس تلك الموسيقى العالية والإيقاع الراقص الذي استخلصه (بهجت) من المتقارب في (منذ كم ألف عام رأيتك) استطاع (بهجت) أن يكتشف درر الإيقاع الراقص من أعماق بحر (الوافر) في نصه (يجب الحب ما قبله) :
وغنى مثلما غنت عصافيري
(يجب الحب ما قبله)
وطوفي حول قلبي سبع مرات
لينبت في ربا عينيك زيتونا
إن العصافير هي حروف (بهجت) ، والأجنحة خياله الخلاق وإحساسه الصادق ، وفضاؤها شعره ..
ثم يستعرض (بهجت) إمكاناته الموسيقية في (الرقص في قاع البحور) وكم كان موفقا حين استهل قصيدته الأخيرة بأبيات عمودية واختتمها واختتم ديوانه بأبيات عمودية حيث قال في آخر صفحات ديوانه :
فقم وارقص في أعماق البحور
ونح الآن أشواك المسير
فموسيقاك تعزف من جديد
لتحيي ما تبقى من زهور
عصافيرك حتما سوف تبقى
تقود جميع أنواع الطيور
تعلمها الحياة لكل موت
ولو بالرقص في قاع البحور
أي عصافير تلك التي ستوحد كل الطيور إلا عصافير روحك الشاعرة يا شاعرنا المبدع
لا شك أنها دلالة عظيمة – عندي – أن يختتم الشاعر ديوانه بأبيات عمودية لعلها – سواء قصد أم لا – رسالة
أن العربية بموروثها هوية لا تقبل المساومة
أن الحداثة مهما تتجاوز لن تتجاوز أصول لغتنا
أن الشاعر المتمكن شديد الانطلاق شديد الحرية الداعي للتحرر يستطيع أن يمارس فنه بمنتهى الانطلاق والحرية داخل قواعد فنه .
ختام
(العصافير ترفض موتي) ديوان يشتبك فيه الإنسان والوجود أو بمعنى أوضح يشتبك فيه الشاعر بذاته الشاعرة ضد ذاته البشرية ويشتبك فيه وجوده الفيزيقي بوجوده الافتراضي / الحلملكن شاعرنا كان رائع الوعي فلم يهدف في ديوانه لنبذ الحياة .. أو السخرية ممن عاشوها حسب إمكانيات فكرهم ، ولم يهدف إلى التعالي على اللغة أو المتلقي
إن (بهجت) في ديوانه كان واعيا بمهمة الشاعر والشعر نعم لقد كرس في ديوانه لأمرين شديدي الأهمية :
الأول : الجمال ، لأنه يعي أن الشعر فن يهدف إلى المتعة مهما كانت الجراحة دموية مهما كان الوجود قبيحا فهو يقدم فنا .
الأخير : الإنسان ، انحاز بهجت للإنسان وحاول أن يقنعه بأن الحلم مهما كان بعيدا أو واسعا أو حتى مستحيلا فليس المهم تحقيقه قدر ما يهم التمتع به وتصديقه :
أحلمُ
أحلمُ
أحلمُ
حتى أصدق حلمي ..
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
الاكثر مشاهدة
-
رصاصة واحدة كانت كافية ﻹصابتي ... أم أنك قصدت شيئا آخر غير قتلي ما هذا ؟ حتي موتي ﻻ أفهمه !!
-
الآن الآن ... كُلُّ شيءٍ يبدو كالخيلِ التي وَصَلَتْ أو كالتي عَجَزَتْ ومرهقٌ أنا أو واصلٌ هذان ما أوَّلتا بهما قدماي ...
-
- اﻷرض للاطفال - ماذا لو اتفقنا جميعا و قتلنا كل الكلام، أحرقنا كل الحروف ، خلعنا كل اللغات يقينا ستفهمني أكثر ينح...
-
ابــتـــــــداء كاد المؤذنُ ينادي بَغْتَةً لَبَّيْتُهُ معتزلاً تشابه الصفٍّ الصفوف . الأرضُ والسما تنازعا جبيني فتخ...
-
قصـــــــــائد قصــــــــــيرة ـ1ـ مثلُ الحمامِ أنا ولكن لا أطيرُ إِنَّما مُعَرَّضٌ للصيدِ ... دائما ـ2ـ خِبرةٌ أخ...
-
عـيــــــــناي عيناي مظلمتان لا تقوى النساءُ على المكوثِ فيهما الداخلاتُ إليهما ... يسمعْن صوتكِ إذْ تقهقهين في قلبي الخ...